🇲🇦 المغرب يدق ناقوس الخطر في جنيف: الوضع الإنساني في تندوف “شاذّ ومخالف لكل القوانين الدولية”
في تدخل قوي ومباشر أمام الأمم المتحدة، ندّد المغرب من جنيف بما وصفه بـ”الوضع الإنساني الشاذ” الذي يعيشه سكان مخيمات تندوف بجنوب غرب الجزائر، معتبرا أن استمرار هذا الوضع لأزيد من نصف قرن يمثل “حالة فريدة ومخالفة لكل الأعراف الدولية الإنسانية”.
وخلال الدورة الـ76 للجنة التنفيذية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة بجنيف، عمر زنيبر، أن المغرب “لا يمكنه الصمت أمام هذا الوضع اللاإنساني الذي يتنافى مع مبادئ القانون الدولي الإنساني”.
⚠️ مطالبة أممية عاجلة بالتسجيل “المستقل والفوري” لسكان المخيمات
ودعا زنيبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى ممارسة ولايتها القانونية بشكل كامل، ولا سيما في ما يتعلق بإجراء إحصاء مستقل وفوري للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف، وضمان الولوج الإنساني الحر وغير المقيّد إلى هذه المنطقة المغلقة، التي تخضع، حسب قوله، لسيطرة ميليشيات البوليساريو دون أي إشراف فعلي من السلطات الجزائرية أو المفوضية الأممية.
وأوضح الدبلوماسي المغربي أن هذه المطالبة ليست جديدة، بل سبق لمكتب المفتش العام للمفوضية أن أوصى بها منذ سنة 2005، “غير أنها ظلت حبرا على ورق رغم مرور عشرين سنة”، مشيرًا إلى أن “الجمود الأممي تجاه هذه الحالة سمح باستمرار وضع إنساني لا مثيل له في العالم”.
🧭 تمييز بين الحياد الإنساني والصمت أمام الظلم
وأكد زنيبر أنه “لا ينبغي أبدا الخلط بين الحياد الإنساني والسلبية في مواجهة الظلم”، في إشارة إلى ما يعتبره المغرب تراخيا دوليا في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان داخل المخيمات، والتي تُمارس ضد المدنيين المحرومين من حرية التنقل والاختيار.
كما شدد على أن “الاحترام الصارم للمبادئ الإنسانية الأساسية، وفي مقدمتها الحياد والنزاهة والشفافية والمسؤولية، هو ما يجب أن يوجّه عمل المفوضية الأممية”، محذرًا من محاولات تسييس الملف الإنساني لخدمة أجندات انفصالية.
🕊️ المغرب: فاعل إنساني وليس مجرد طرف سياسي
وفي مقابل الصورة القاتمة للوضع بتندوف، ذكّر السفير بأن المملكة المغربية تظل أرضًا للجوء وفاعلاً إنسانياً مسؤولاً، حيث وضعت سياسة هجرة إنسانية قائمة على مقاربة قانونية ومؤسساتية متينة، تُراعي الكرامة الإنسانية وتنسجم مع التزامات المغرب الدولية.
وأشار إلى أن المغرب لا يكتفي بإيواء اللاجئين والمهاجرين، بل يشارك كذلك في عمليات الإغاثة الإنسانية الدولية عبر المساعدات الموجهة إلى مناطق الأزمات، وذلك من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعدد من المنظمات الأممية الأخرى.
🧩 الوضع في تندوف: غياب الشفافية واستغلال إنساني
تقرير المغرب في جنيف لم يأتِ بمعزل عن سياق دولي متصاعد من الانتقادات الموجهة إلى الجزائر والبوليساريو بشأن تسيير المساعدات الإنسانية داخل المخيمات، حيث سبق للاتحاد الأوروبي ومكتب مكافحة الغش الأوروبي (OLAF) أن كشفا في تقارير رسمية عن اختلاسات ممنهجة للمساعدات الإنسانية الموجهة لسكان تندوف.
ويؤكد المغرب أن هذا الوضع “غير الطبيعي”، والذي يجعل من تندوف المنطقة الوحيدة في العالم التي تسلم فيها دولة مستضيفة جزءاً من سيادتها إلى جماعة مسلحة، يقوّض المبادئ التي تأسست عليها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ويعرقل أي حل سياسي للنزاع حول الصحراء المغربية.
🔍 دعوة لتعزيز المراقبة وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها
وشدد السفير زنيبر على ضرورة تعزيز آليات التتبع والمراقبة لضمان أن تصل المساعدات الإنسانية فعلاً إلى السكان الذين تحتاجونها، بدل أن تتحول إلى أداة ابتزاز سياسي أو مصدر تمويل غير مشروع لميليشيات البوليساريو.
كما عبر عن “قلق المغرب العميق من غياب مسار إنساني حرّ ومنظم إلى المخيمات”، مذكرا بأن الطابع المدني لمناطق اللجوء “يجب أن يكون خطًا أحمر”، في إشارة إلى تجنيد الأطفال وتخزين الأسلحة داخل المخيمات، كما أشارت إليه تقارير دولية متطابقة.
🌍 التزام أممي متجدد… ودعوة إلى الحل السياسي
من جانبه، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في رده على مداخلة المغرب، حرص المفوضية على الحفاظ على الطابع غير السياسي لعملها، مشيرًا في الوقت ذاته إلى “الأهمية الملحّة للتوصل إلى حل سياسي دائم لهذا الوضع الذي طال أمده”.
وقال غراندي إن المفوضية “ستظل ملتزمة بالاستجابة الإنسانية داخل تندوف، مع البقاء يقظة بشأن الطبيعة المدنية للمخيمات”.
🕯️ نحو مقاربة إنسانية عادلة تحفظ الكرامة وتحمي الحقوق
وفي ختام كلمته، شدد السفير المغربي على أن مسؤولية المجتمع الدولي “جماعية” في ظل عالم يشهد تهجير أكثر من 120 مليون شخص قسراً، داعياً إلى مضاعفة الجهود الأممية لتأمين كرامة اللاجئين وحماية حقوقهم بعيدًا عن أي استغلال سياسي أو جغرافي.
وأكد أن المغرب سيواصل الدفاع عن حق سكان تندوف في الحرية والكرامة الإنسانية، مذكّرًا بأن “القضية ليست نزاعًا سياسياً فقط، بل مأساة إنسانية حقيقية يجب أن تنتهي”.