🛒 المرصد المغربي لحماية المستهلك يدق ناقوس الخطر: “الأسعار الصادمة” في الأسواق الافتراضية تهدد صحة المغاربة
أطلق المرصد المغربي لحماية المستهلك إنذارًا شديد اللهجة بشأن تفشي ظاهرة بيع المواد الغذائية بأسعار منخفضة على نحو غير منطقي، سواء داخل بعض المحلات التجارية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على “إنستغرام” و”تيك توك”، معتبرًا أن هذه الممارسات تشكل تهديدًا مباشرًا لصحة المواطنين وتغذي سوقًا موازية غير خاضعة لأي مراقبة رسمية.
وأوضح المرصد، في بلاغ له، أنه رصد من خلال جولة رقمية وميدانية توسعًا غير مسبوق لما يُعرف في لغة التسويق بـ “العروض الصادمة” أو Offre Choc، والتي تُقدَّم تحت شعارات براقة من قبيل “تصفية المخزون” أو “العرض محدود”، لكنها في الواقع تُخفي وراءها سلعًا منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر، تُعرض بأسعار “لا تُصدق”، أحيانًا أقل من نصف الثمن الحقيقي.
ففي بعض الحالات، تم تسجيل معلبات غذائية تُباع بـ درهمين فقط رغم أن ثمنها الرسمي في الأسواق يتجاوز سبعة دراهم، وأجبان وزيوت تُعرض بأقل من نصف سعرها المعروف، بل حتى بعض المنتجات المستوردة المرفوضة من أسواق أجنبية وجدت طريقها إلى المستهلك المغربي عبر هذا المسلك غير القانوني.
⚠️ احتيال تسويقي مقنع تحت غطاء التخفيضات
يشير البلاغ إلى أن تقنية “العرض الصادم” في الأصل وسيلة تسويقية قانونية إذا احترمت الشفافية، إذ تعتمد على خلق شعور بالإلحاح وتحفيز الشراء عبر تخفيضات حقيقية. غير أن المرصد يؤكد أن ما يجري في السوق المغربية اليوم مختلف تمامًا، حيث تحوّلت هذه التقنية إلى أداة للتغرير بالمستهلك واستغلال حاجته.
ويتمثل الخطر في أن هذه المواد لا تمر عبر المسالك القانونية المعتادة للتوزيع، ولا تخضع لرقابة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، مما يجعلها عرضة للتلف أو التلاعب في تواريخ الصلاحية أو حتى إعادة التغليف بعد انتهاء مدة الاستعمال.
⚖️ قوانين واضحة… ومخالفات صارخة
ذكّر المرصد المغربي لحماية المستهلك بأن الإطار القانوني في المغرب واضح وصارم في هذا الباب، إذ ينص:
-
القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك على منع أي إعلانات كاذبة أو منقوصة تُضلل المشتري (المادة 21).
-
القانون 104.12 بشأن حرية الأسعار والمنافسة يُجرم الممارسات التدليسية التي تُخل بمبدأ المنافسة الشريفة (المادة 6).
-
القانون 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يمنع عرض أي منتج غير مطابق لمعايير الجودة والسلامة في السوق الوطنية (المادة 3).
ورغم وضوح هذه النصوص، إلا أن تطبيقها يصطدم أحيانًا بانتشار التجارة الإلكترونية العشوائية وغياب آليات رقابة رقمية فعالة، ما يتيح لبعض الصفحات والموزعين المجهولين الإفلات من العقاب مؤقتًا.
🧾 تحرك قانوني مرتقب وإجراءات زجرية
وأكد المرصد أنه يحتفظ بحقه الكامل في التبليغ والتقاضي ضد أي جهة تجارية أو رقمية يثبت تورطها في بيع مواد مشبوهة أو التلاعب بالأسعار، معلنًا عزمه مراسلة كل من وزارة الصناعة والتجارة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، إلى جانب السلطات المحلية والنيابة العامة، من أجل فتح تحقيقات ميدانية وضبط هذه الممارسات.
كما دعا المرصد المواطنين إلى توخي الحذر من الإعلانات التي تعد بعروض “غير منطقية”، وإلى التحقق من تاريخ الصلاحية ومصدر المنتج قبل الشراء، سواء من المحلات التجارية أو عبر الإنترنت، مع حثهم على التبليغ الفوري عن أي نشاط مشبوه يهدد السلامة الصحية أو يُضلل المستهلك.
🧠 تحليل: بين أزمة القدرة الشرائية وتنامي السوق الرمادية
يرى عدد من المتتبعين أن تراجع القدرة الشرائية للمواطن المغربي شكّل بيئة خصبة لانتشار هذه الظواهر، إذ يجد المستهلك نفسه منجذبًا نحو “العروض المغرية” دون التحقق من حقيقتها، ما فتح الباب أمام سوق رمادية رقمية تشتغل في الظل، بعيدة عن الضرائب والمراقبة الصحية.
ويحذر خبراء من أن استمرار هذا النمط التجاري، إن لم تتم مواجهته بسرعة، قد يؤدي إلى إغراق السوق الوطنية بمنتجات غير آمنة تمس بالصحة العامة وتضرب في العمق ثقة المواطن في السوق المنظمة.