ما يجري اليوم في الفضاء الأزرق بآسفي ما يمكنش نسميه “نقداً” ولا “رأياً”، بل هو عدوان رقمي ممنهج يهدف إلى هدم الثقة وبث الفتنة.
الصفحات التي تختبئ وراء أسماء مستعارة لا تمارس حرية التعبير، بل تمارس جريمة تشهير وتحريض تسعى لتصفية حسابات ضيقة على حساب كرامة الناس وصورة المدينة.
آسفي، المدينة الهادئة التي انطلقت في مسار إصلاح وتنمية، وجدت نفسها فجأة وسط عاصفة من الافتراءات والادعاءات التي تُدار من وراء شاشات مظلمة.
صفحات من الظل.. وأقنعة من الكذب
ظهرت في الأسابيع الأخيرة صفحات مشبوهة على “فيسبوك” تتخصّص في نشر صور وفيديوهات مفبركة، وتعليقات مليئة بالاتهامات المرسلة دون أي دليل أو سند.
هؤلاء لا ينتقدون، بل يفبركون ويشوّهون. يستعملون لغة السخرية والابتزاز ليصنعوا ضجيجاً رقمياً مقصوداً، الهدف منه خلق الفوضى وزعزعة الثقة في المؤسسات والمسؤولين والإعلاميين.
والأخطر أنهم يوجّهون ضرباتهم نحو أشخاص محددين بعينهم، في سيناريو مدروس وممول، وكأن هناك جهة تستثمر في الفوضى.
دينامية الإصلاح التي أزعجت أصحاب المصالح
منذ انطلاق ورش الإصلاح الإداري داخل عمالة آسفي بقيادة العامل وفريقه، تبدلت قواعد اللعبة. الشفافية والانضباط والقطع مع الارتجال والمحسوبية أربكت بعض الأطراف التي كانت تستفيد من الغموض. وبدل مواجهة التغيير بالحجة والمبادرة، اختاروا الحرب الرقمية كسلاح انتقامي. صفحاتهم أصبحت ملاذاً للهاربين من المسؤولية، ومنبراً لكل من ضايقته نزاهة رجل سلطة أو استقلالية صحافي.
استهداف الصحافة الجادة.. واغتيال الكلمة الحرة
التحريض لم يقتصر على المسؤولين، بل طاول صحافيين معروفين بمهنيتهم ودفاعهم عن مسار الإصلاح. تمت مهاجمتهم بألفاظ ساقطة، وتلفيق تهم أخلاقية كاذبة، فقط لأنهم لم يرضخوا لابتزاز أو لم يسكتوا عن الحقيقة. ما تقوم به هذه الحسابات هو محاولة اغتيال رمزية لحرية الصحافة، وتخريب ممنهج لصورة الإعلام النزيه.
إنه ليس نقداً، بل حرب إعلامية قذرة ضد من يحمل القلم بشرف.
العدالة مطالبة بالتدخل الحازم
عدد من الضحايا وضعوا شكايات رسمية لدى السلطات الأمنية، والكرة الآن في ملعب العدالة لتطبيق القانون وردع كل من استعمل الفضاء الرقمي كأداة لتصفية الحسابات.
المطلوب اليوم فتح تحقيق شامل يكشف من يقف وراء هذه الحملات، ومن يمولها، ومن يحرّكها من الظل. لأن التساهل مع هذا النوع من الجرائم يعني فتح الباب أمام فوضى رقمية تضرب الاستقرار وتُهين المؤسسات.
لا تهاون مع من يهاجم مؤسسات الدولة
الهجوم على الإدارة الترابية أو العامل أو الصحافة المحلية ليس سوى بداية لمخطط أكبر يهدف إلى زعزعة الثقة في كل أجهزة الدولة. من سمح لنفسه بالتطاول على رموز الدولة اليوم، لن يتردد غداً في استهداف الأمن أو القضاء. ولهذا، يجب أن يكون الرد حازماً: تطبيق القانون بلا هوادة، وملاحقة كل من يختبئ خلف شاشة لنشر السموم الرقمية.
وعي المواطن هو خط الدفاع الأول
مسؤولية مواجهة هذه الحملات لا تقع على الدولة وحدها، بل على المجتمع أيضاً. المواطن الواعي لا يشارك منشوراً مجهول المصدر، ولا يصدق كل ما يُكتب باسم “الفضح” و“التسريب”. المرحلة تقتضي تربية رقمية جديدة تحصّن العقول قبل الأجهزة، لأن الحرب اليوم ليست بالسلاح، بل بالمعلومة.
من يهاجم الدولة يهاجم الوطن
آسفي اليوم تحتاج إلى نقاش هادئ ومسؤول يواكب التنمية، لا إلى سوق رقمي للمزايدات والافتراءات. منصات التواصل الاجتماعي ليست حلبة للابتزاز، ومن يختبئ وراء الأسماء المستعارة ظناً منه أنه بمنأى عن المحاسبة، فليعلم أن القانون له ذاكرة طويلة.ومن يهاجم مؤسسات الدولة يهاجم الوطن نفسه، ومن يشوّه سمعة الشرفاء يضع نفسه خارج دائرة الكرامة.